التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اعرف إرثك قبل أن.. تفقده.

 


امشي معي إلى دار في معرض الكتاب، تعرض كتبا للفلسفة وتاريخ أثينا وقصص قيصر روما، ستتوقف وتندهش عند رؤيتك لورقه كتبها سقراط في منتصف السوق مكتوب فيها "اعرف نفسك" ستشعر بقشعريرة وقوة في رؤية توقيعه أسفل الوثيقة. الدهشة بلغت عنان السماء إثر تخيلك للمواقف والسنين وكل مكان كانت محفوظه هذه الوثيقة من قرون عديده.

المظهر مدهش بحق اتفق معك.!

كم لا يحصى من الماديات يمر علينا، يصغر ويكبر شأنه بناءً على مصدره الذي اتى منه او ممن حتى.

على ثمنه وقيمته المادية.. وعلى قيمته التاريخية وما يعنيه لهذا المجال.

  المؤلفات المصطفة في ارفف الدار هل نالت على اهتمامك؟

 كتاب دعونا نتفلسف لعلي حسين لم يحظ بإعجابك؟

جميعها قيّمه في فحواها وما ترى نتيجة بحث واجتهاد لسنين في الاستقصاء والمطالعة والتصفح عن هذه المواضيع. لكن لم يدهشك إلا ورقة سقراط!

 المستوى الرابع من دراستي في الكلية كنت ادرس مقرر يعنى ب "مهارات التعلم". أساليب التعلم وآدابه، أستاذ المادة متخصص في اللغة العربية. مُحب ومغرم بها ويتضح لزملائي ولي أيضا في حديثه واستخدام مفرداته الجمه. غيور جدا على اللغة العربية من أي استنقاص وقله احترامٍ لها، المتجسد في ظاهره التفاخر والاستعلاء في إدخال مفردات اجنبيه لحديثه يشمئز جدا من ذلك. اخبرتك انه غيور. تعابير وجهه عن هذه الظاهرة لم تغب عن ذاكرتي، بل جسدتها في وجهي بعد أن قرات تغريده لشخص يشارك تجربته المؤلمة. إذ كان مستمع لمحاضرةٍ ما وكان كل الحضور عربي. المدينة عربيه. مقدم المحاضرة وملقيها عربي. لماذا كانت كل المحاضرة تُلقى باللغة الإنجليزية؟!

لا أعني إيماني التام بصدق تجربته، انا لا اعرفه. لكنه موقف سائد يا للأسف، لماذا الاستنقاص من لغة القران. لغة الضاد. هذه اللغة الثرية. وفيرة المفردات والمعاني، تحليلي لهذا الموقف هو أن كثير من الناس منهم مقربون في دائرتنا أصبحوا غير مستشعرين لبلاغه اللغة وإرثها الممتد لقرون طويله..

أصبحوا يستخدموا نفس الكلمات كل يوم وكل أسبوع نفس المعاني ونهج الحديث الخادش لفصاحة اللغة، هؤلاء اظنهم ليسوا ممن تبحر في أساس لغته واستمع إلى ابيات الشُعراء او قراء قصص الاولين وحضر وثائقيات عن الدول الإسلامية.

ما يحدث مأساة والدليل على هذا الدهشة التي تراها في تعليقات فيديو لشخص عربي يتكلم بالفصحى. امر حسن نعم لكن الدهشة تولدت من قِله رؤية هؤلاء من قبل اولئك من المندهشين، الموقف الأول في المعرض غير واقعي لم يحصل، اردت ان تُجسد الموقف في خيالك وترى أين صُب كل الاهتمام؟ في المؤلفات الذي نراها بشكل كثير؟ ام بجملة سقراط مرفقة بتوقيعه؟ مع أنك ترى الأكثر بلاغة وعلما من جملة سقراط وتركته؛ لأجل اعتيادك عليه.

لذلك اوجهك بأن "تعرف نفسك".. اعرف لغتك، اعرف أصلك، اعرف قيمتك الثقافية.

تعليقات